{سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض وَهُوَ العزيز الحكيم} سبق تفسيره.{يا أيها الذين ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} روي أن المسلمين قالوا: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فأنزل الله {إِنَّ الله يُحِبُّ الذين يقاتلون فِى سَبِيلِهِ صَفّاً} فولوا يوم أحد فنزلت. و{لَمْ} مركبة من لام الجر وما الاستفهامية والأكثر على حذف ألفها مع حرف الجر لكثرة استعمالها معاً واعتناقهما في الدلالة على المستفهم عنه.{كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} المقت أشد البغض ونصبه على التمييز للدلالة على أن قولهم هذا مقت خالص {كَبُرَ} عند من يحقر دونه كل عظيم، مبالغة في المنع عنه.{إِنَّ الله يُحِبُّ الذين يقاتلون فِى سَبِيلِهِ صَفّاً} مصطفين مصدر وصف به. {كَأَنَّهُم بنيان مَّرْصُوصٌ} في تراصهم من غير فرجة، حال من المستكن في الحال الأولى. والرص اتصال بعض البناء بالبعض واستحكامه.{وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ} مقدراً باذكر أو كان كذا. {ياقوم لِمَ تُؤْذُونَنِى} بالعصيان والرمي بالادرة. {وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنّى رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ} بما جئتكم من المعجزات، والجملة حال مقررة للإنكار فإن العلم بنبوته يوجب تعظيمه ويمنع إيذاءه، {وَقَدْ} لتحقيق العلم. {فَلَمَّا زَاغُواْ} عن الحق. {أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ} صرفها عن قبول الحق والميل إلى الصواب. {والله لاَ يَهْدِى الفاسقين} هداية موصلة إلى معرفة الحق أو إلى الجنة.{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يابنى إسراءيل} ولعله لم يقل {يَا قَوْم} كما قال موسى عليه الصلاة والسلام لأنه لا نَسب له فيهم. {إِنّى رَسُولُ الله إِلَيْكُم مُّصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التوراة وَمُبَشّراً} في حال تصديقي لما تقدمني من التوراة وتبشيري {بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى}. والعامل في الحالين ما في الرسول من معنى الإِرسال لا الجار لأنه لغو إذ هو صلة للرسول فلا يعمل. {بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسمه أَحْمَدُ} يعني محمداً عليه الصلاة والسلام، والمعنى أن ديني التصديق بكتب الله وأنبيائه، فذكر أول الكتب المشهورة الذي حكم به النبيون والنبي الذي هو خاتم المرسلين. {فَلَمَّا جَاءهُم بالبينات قَالُواْ سِحْرٌ مُّبِينٌ} الإِشارة إلى ما جاء به أو إليه، وتسميته سحر للمبالغة ويؤيده قراءة حمزة والكسائي هذا {ساحراً} على أن الإِشارة إلى عيسى عليه الصلاة والسلام.{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله الكذب وَهُوَ يدعى إِلَى الإسلام} أي لا أحد أظلم ممن يدعى إلى الإِسلام الظاهر حقيته المقتضي له خبر الدارين فيضع موضع إجابته الافتراء على الله بتكذيب رسوله وتسميته آياته سحراً فإنه يعم إثبات المنفي ونفي الثابت وقرئ: {يدعى} يقال دعاه وادعاه كلمسه والتمسه. {والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين} لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم.{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ} أي يريدون أن يطفئوا، واللام مزيدة لما فيها من معنى الإِرادة تأكيداً لها كما زيدت لما فيها من معنى الاضافة تأكيداً لها في لا أبا لك، أو {يُرِيدُونَ} الافتراء {لِيُطْفِئُواْ}. {نُورَ الله} يعني دينه أو كتابه أو حجته. {بأفواههم} بطعنهم فيه. {والله مُتِمُّ نُورِهِ} مبلغ غايته بنشره وإعلائه، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بالإضافة. {وَلَوْ كَرِهَ الكافرون} إرغاماً لهم.